المهندس محمد عبادي يكتب/ الإعمار والتنمية المستدامة

التنمية برس : خاص
الجهود المنسقة والموحدة لإعادة الإعمار في هذه المرحلة ضرورية لتلبية المتطلبات السياسية والاقتصادية للبلاد وتعزيز قابلية البقاء الاقتصادي طويل الأمد إلى حد كبير إذا مددت دول التحالف العربي"الخليج " بعض أمتيازات عضويتها مثل تخفيف التعريفات الجمركية على الصادرات من اليمن والتسهيلات العمالية من المرجح أستمرار ثقافة الموالاة السياسية في اليمن وخاصة من قبل النفوذ الأجنبي ولتقليص الميل في أن يلعب راع أجنبي معين ضد آخر يجب أن تتمركز علاقة الراعي والزبون بين الدول الأجنبية والمحافظات والجماعات المسلحة حول وكالات الدولة أو الوحدات الاتحادية وذلك لإضفاء صفة الشرعية على الحكومة التي نأمل أن تكون عند حسن ظن الشعب في القريب العاجل وليس على أمراء الحرب أو العناصر الطائفية الفاعلة إحدى الآليات الفعالة لإعادة العمل بهذا الجانب والحد من التناقضات في الوصول الإقليمي إليه بما في ذلك سرعة التنفيذ وهو بذل الجهد لزيادة الشفافية في حجم الاموال المخصصة وينبغي أن يكون أحد المبادئ الجوهرية لأي برنامج إعادة الإعمار  هو وضع أهداف واقعية تشجع مشاريع البنية التحتية الرئيسية مثل الموانئ والمطارات والمناطق الحرة والمشاريع الصغيرة مثل إعادة تأهيل الصرف الصحي وشبكات الطاقة الشمسية المحلية والبنية التحتية أو إصلاح المباني العامة ومشاريع الطرق الصغيرة من النوع الذي يشارك بها البنك الدولي والتي يحتمل جدًا أن تعطي منافع ملموسة ونافعة ،
فقد كثرت التجاذبات عن حدها حول عملية إعادة الإعمار في اليمن منذ إعلان أنه سيتم البدء بتنفيذ إعماله بالتوازي مع توسع الجهود المبذولة من أجل السعي وعودة الحياة الطبيعية ،ففي الوقت الذي يقلل من حجم هذه المسألة التنموية الملحة نلاحظ ان هذه التجاذبات ليست جديدة والتسويف بحق الوطن لكنها تظل مقصورة لفترة طويلة على مناشدات جادة تقضي بسرعة تنفيذ إعادة إعمار عدن وباقي المحافظات المحررة التي تعيش حالة من التردي والتدهور واللامبالاة .. الوضع الآن يبدو مختلفاً أو قل إنه بدأ يختلف في ظل استعادة الاستقرار في معظم المناطق المحررة فمن شأن الاستقرار أن يوفر أجواء أفضل لإعادة الإعمار لذلك ربما تصبح عملية إعادة الإعمار آخر المعارك الكبيرة في وطننا وخصوصاً على ضوء ارتباطها بالصراع على مساحات النفوذ وستكون هذه معضلة صعبة بأي مقياس بالنظر إلى حجم الدمار المترتب على الحرب في كثير من المحافظات .. وتنطوي معركة إعادة الإعمار على أربعة جوانب أساسية أولها الشرط الأساسي الذي تتمسك به القوى الوطنية وهو ربط مشاركتها في إعادة الإعمار بعملية أنتقال سياسي تتسم بالجدية وتوصف أحياناً بأنها ذات صدقية وتختلف بالتالي عن جهود تفتقر إلى المصداقية وتسعى بعض الجهات إلى إضفائه على الواقع من خلال خطط غير دقيقة وغير واقعية .
إعادة الإعمار مهمة وطنية وتنموية لا يستهان بها ومن الضرورة أن تمنح كافة سبل الطاقات لمواجهة استشراء الفساد والعبث على نحو يثير مخاوف جدية بشأن الصفقات التي ستعقد وحصول مراكز القوة الاقتصادية والسياسية أيضاً على مكاسب غير مشروعة وهو مايزيد هذه المخاوف اعتقاد شائع في أن اعتماد الحكومات السابقة على شبكات مصالح تابعة لها خلال سنوات الحرب يجعلها مدينة لأصحاب النفوذ في هذه الشبكات ومضطرة لأن تسمح لهم باقتطاع ما يستطيعون من أموال عبر مشاريع إعادة الإعمار وضع خطة متكاملة لمشاريع إعادة الإعمار من دون توفر معلومات دقيقة وموثوقة وبيانات وأرقام نهائية قد تتضارب في الأخير بالمعلومات والأرقام الواردة في تقارير قد تصدرها بعض أهم الجهات التي يفترض أن تكون المصادر الرئيسية التي يعتمد عليها واضعو خطط إعادة الإعمار ويعود هذا التضارب إلى اختلاف المناهج وأدوات التحليل التي تعتمد عليها كل جهة حتى على المستوى الكلي مثل تقدير حجم الدمار الفعلي وتحديد قيمته ومن ثم توقع الكلفة اللازمة لإعادة الإعمار، يحدونا الأمل بإن لا يتكرر السيناريو الأسوأ بهذا الشأن وأن تضطر جهات نافذة إلى أخذ المهمة على عاتقها بالتعاون مع حلفاء آخرين التي يرجح أن يكون لهم دور في كل الأحوال إلى جانب قيادات خارج السلطة وإذا حدث ذلك ستستغرق العملية وقتاً طويلاً بسبب نقص التمويل وسيكون مستوى الأداء فيها أضعف وستنطوي على عمليات ترميم أكثر منها إعادة إعمار في كثير من المناطق المدمرة من أجل استئناف الحياة فيها بحدودها الدنيا أو أقل منها .. فقد خبرت المدينة وأهلها مدى قناعة من تحملوا ملف الإعمار وكان ديدنهم مبدأ التقاعس مع شركاء تقليديين "سابقين" وعدم الثقة بجهات مسؤوله لم تقدم أية إحراز من أجل النجاح في عملية ولو مرحلية أو موضعية من بدأ الأعمار الذي نراه في نظر الناس غير موفقاً حين تعمدوا أن يتجاهلوا عبارات الصبر والتأني وأولويات المبدأ وعبقرية الفهم الذي عبرت عنه عبارة تاريخية من طراز "يا عمال العالم اتحدوا"وذلك في مقابل أن يطرح على سكان المدينة رؤية الشارع اليمني مرتباً لابساً منظراً لائقاً ذات جمال والتي لا ترى ولن ترى في هذا التصرف إلا إعلاناً صريحاً بالتناوب العبثي مع كل ما يوحي به هذا العبث من مشاعر التقزز القيمي وما تستدعيه من عواقب السقوط التنموي والبيئي فالآن المرحلة أمامكم والحاضر ينتظركم والمستقبل واعد للقيام بدوركم وجهودكم الوطنية المأمولة على مسار السلام والتنمية المستدامين .
 
المهندس/ محمد عبادي
مدير عام مكتب وزارة الصناعة والتجارة 
محافظة - عدن

الوكيل الحصري في اليمن: شركة مسلم التجارية